مدَّونة علم من الكتاب

السبت، يوليو 14، 2007

(أنا أولاّ) و (هذا دوري)

إن الطريقة التي يرى بها الأطفال أنفسهم تشكل عملية مشاركتهم في هذا العالم ، والملاحظ أن أهم الفروق بين نظرتنا نحن الكبار للأطفال ونظرتهم لنا تعد رأس الزاوية للتفاهم والتجانس المتبادلين بيننا وبينهم ؛ فحاول أن تهبط لمستوى إدراك إبنك ولا تتوقع منه أن يرتقي لمستوى إدراكك أنت الناضج الكبير، وترقب منه ظهور بشائر الربيع الأولى متى ما اشتد ساعده ، ودائما الغي مقاومة إغراء قولك له " أنت صغير جدا لفهم هذا الأمر" ، ولا تندهش عند سماع اولادك يتفوهون بنفس الألفاظ التي يسمعونها منك فلا ترسم خطا على الرمل اثناء العاصفه.
إن الأطفال لايخترعون تقدير الذات لأنفسهم وإنما يتعلمونه من الكبار ومهمتنا نحن الكبار هي أن نساعدهم في أن يجربوا خبرات النجاح وأن يخطأوا بالطبع فالخطاء ما هو إلا حصيلة التجارب والخبرات ولولا الخطأ ما بزغت للوجود كل المخترعات العصرية التي نراها حولنا لأنها ببساطة لم تظهر للوجود من أول محاوله . تعتبر تربية الأبناء بطريقة صحيحة نتاج عمل الكثير من الأشياء الصغيرة بطريقة صحيحة فالأب او الأم يستطيع أن يعمل العديد من الأشياء الصحيحة لخلق إحساس لدي ابنه بأنه ذو قيمه وذلك من خلال: الإهتمام به والإستماع اليه وإمتداح ما يقوم به وتدعيمه والتعامل معه بصورة جديه حتى يستطيع أن يمنحة هدية "إحترام وتقدير الذات"

الفرق بين تعبيري " أنا أولا ً " و " هذا دوري"

يكتسب الطفل في أولى سنوات عمره خبراته وتجاربه من من هم حوله ، من أقرب المقربين وأعني بهم الأب والأم والأخوان والأخوات ، ثم يفترض بها أن تصقل عبر المنهج الدراسي ، إلا أن الذي يظهر جلياً في المناهج الدراسية بالدول العربية أنها تستند على (الحشو) طوال أشهر الدراسة ثم (التفريغ) على ورقة الأجابة في إختبار نهاية العام ، فتكون الحصيلة نجاح على الورق ولكن ليس في العقول ، ولهذا تسمى هذه الدول بالعالم الثالث الذي لا يستطيع أن ينتج منتجات تدخل إلي الأسواق العالمية وتنافسها ، ببساطة لأن كل التجارب والخبرات والمهارات التي اكتسبها الطفل بهذة الدول قد فرغت من عقله الصغير لتستقر منذ البداية على ورقة إجابة إختبار نهاية العام وليس لترسيخها في العقول وتثبيتها بالنفوس كما سنرى لاحقاً.

إن تعبير (أنا أولا) لا يعد تعبيراُ مجازيا مبهما ً بدول العالم الثالث بل هو (أساس) الخبرة المكتسبة لسكانه ، فأنا و أنت وهو و هي يرغب كل منا أن ينهي إجراءاته بأية دائرة حكومية اولاً وقبل غيره وهذا شعور مرسخ بالعقول منذ النشأة الأولى وهو حصيلة نتاج المناهج الدراسية الضحلة ، حسناُ هذا مثال صغير لتعبير " أنا أولا" ولكن ... ماذا عن الآخرين ؟ إن تعبير (أنا أولا) لا يهتم بهم ، إنه تعبير أناني بحت ، ولكن حين ننظر إلي الكائن البشري نجد أنه كائن إجتماعي بفطرته التي فطره الله عليها ، فلن يتمكن من العيش دون أنيس أو جليس، فإذا كان هذا حاله فما بال "أنا أولاً" لا تفارقه ؟ ألا تلاحظ معي هذا التناقض العجيب؟!!

إن نشأة (أنا أولاً) الأولى ليس مصدرها الوالدين بالطبع ولكنه نتاج الخبرات والتجارب و المهارات المكتسبة من المناهج الدراسية الضحله التي تستند على مبداء حشو الأدمغه بالمعلومات القيمة لتفريغها فيما بعد على ورقة الأجابات دون غرسها من جذورها في اعماق العقول ، ولا تستند بتاتا ً على المنهج التجريبي والإستناج التحليلي لترسخ المفاهيم رسخاً وحفرها بالعقول منذ النشأة الأولى.
حسناٌ لأوضح لك الأمر جليا بالأمثله ، أنظر لطالب يتعلم لغة أجنبية لنقل الإنجليزية بإحدى دول العالم الثالث حيث الخبرات المكتسبة تعتمد على (الحشو) و ( التفريغ) ، وأنظر لنفس الطالب يتعلم ذات اللغة بأحدى دول العالم المتقدم تقنيا ً وعلميا ً.. لاحظ معي نفس الطالب ولنقل بأنه خريج الثانوية بأي مدينه من مدن العالم الثالث وهو يتعلم الأنجليزية ببريطانيا مثلا حيث يسجل بمدرسة لتعليم اللغات .. ستجد أن الأسبوع الأول والذي يليه سيتعلم فيه النطق والتهجئة والمحادثة الصحيحه ، وستجد أن الدرس (حسب المنهج الدراسي) يعتمد على تحفيزه في الحديث حول أهم ضروريات الحياة اليومية المعيشية ، إحتياجاته من البقالة ونحوها، فتجد أن المنهج الدراسي يقوده اولا لتعلم اسماء اللحوم والخضروات والمعلبات والكماليات ، يعقبه تعلم طلبها من البقال والجزار والصيدلي ونحوهم ، وحين يتقن هذه المهارات فإن المنهج يحفزه من جديد على التجربة فيتخذ كل طالبين دورين مختلفين يثمل احدهما الشاري والآخر البائع في قالب تمثيلي لعمليتي الطلب والعرض ، الشراء والبيع ، ويكرر المشهد بينهما بتبادل الأدوار طوال إسبوعين على اكثر تقدير. ومع تباشير بزوغ الأسبوع الثالث فإن المنهج الدراسي يحفز الطالب هذة المرة ويشجعه على الإستنتاج التحليلي في الخروج لرحلة عمليه تطبيقية مع بقية اعضاء الصف ومدرسهم بطبيعة الحال ناحية البقال والجزار لتطبيق ما تعلموه عمليا بالشراء الفعلي (لترسيخ المفاهيم في العقول) بالتجربة اولا ثم بالأستنتاج وهذا هو معيار أداء منهج التعليم في كافه جوانبه من الحضانه إلي الدراسات العليا بالدول المتقدمه الذي يستند على منهج التجربة والإستنتاج وليس على منهج الحشو والتفريغ.

من هذه العجالة نرى أن تعبير (أنا أولا ) قد طغى بكل ثقله و كاهله على معظم الناس بدول العالم الثالث ، أنظر حولك حين تسير بسيارتك ، أنظر لكل التجاوزات التي تحدث امامك ، أنظر حينما تتجه لبنك او لدائرة حكومية او حتى لمطعم ، بل أنظر بنفسك حينما تتجه بسيارتك ناحيه المسجد لأداء الصلاة ، أنظر للتجاوزات التي تحدث امامك ستجد أن مواقف السيارات الخاصة بالمسجد فارغة بينما تحاشر الناس لإيقاف سياراتهم عشوائيا ً امام بوابة المسجد لقربه !! وكذلك امام أي متجر تجاري او مستشفى او حتى معهد تعليمي !! ، وأنظر لمن يلقي بمخلفاته من سيارته وعلى قارعة الطريق طالما أن سيارته وبيته سيكونان نظيفان (أنا أولا ً) ولا يهمه الآخرون ، ولا يهمه نظافة الشارع الذي يسيرون عليه ولا الحارة التي يعيشون فيها !!. إنها نتاج منهج دراسي ضحل استثمر المعلومات القيمة طوال شهور الدراسة لتفرغ على ورقة الأجابة في نهاية العام ويحصل الطالب على علامة النجاح ولكنه نجاح فاشل بكل المقاييس طالما العقول يعشش بداخلها تعبير (أنا أولا ً) ولم تمحه حصيلة التفريغ الكلي ، درجة التفوق والنجاح على الورق.

سنتحدث في الحلقة المقبلة إن شاء الله عن تعبير "هذا دوري" لترى الفرق بينه وبين " أنا أولا" ولتحدد موقفك أنت منهما ، وأين مكانك بينهما ، وأيهما ستختار لتربي أبنائك عليه.

هذا دوري

لو نظرت لأي شباك لبيع تذاكر السينما بأي دولة عربية وخليجية على وجه الخصوص لعرفت على التو ما يعنيه تعبير (هذا دوري). لماذا يقف الناس بالدور في طابور طويل عند شراء تذاكر السينما ولا يتقيدون بهذا الألتزام عند شراء الفول مثلا؟ ... ببساطة لأن هناك حواجز حديدية قد وضعت بجانبي الممر المؤدي الي شباك بيع التذاكر والدخول اليه يتطلب الخروج من الجانب الآخر.
إذا المبداء هنا هو الحواجز الحديدية .. حسنا ، كم لها هذه الحواجز موضوعه ؟ سنين طويله ، لنفرض أن إدارة السينما قررت إزالتها ، في نظرك هل سيتقيد الناس بتعبير (هذا دوري) أم سيكون الحال كشراء الفول؟

مبدئيا ، أقول بأنهم سيتقيدون بمبداء (هذا دوري) حتى لو ازيلت الحواجز الحديدة بالممر لسببين ، الأول أنهم جبلوا على ذلك وقد تمت برمجة أدمغتهم على الوقوف بالصف للحصول على التذاكر ، اما السبب الثاني فإن طبيعة البشر النظام ، نولد وندرك ماحولنا ثم نبداء اولى خطواتنا ثم نتعرف على دورة المياة خلال سنتين او اقل ثم يأتي دور الروضة او الحضانه ثم المدرسة فالجامعة فالوظيفه ، ولو أن البشر لا يتقيدون بنظام مثلا لما كتب لأحدهم أن يكون مهندساّ او طبياّ او طياراّ او مديراّ.

إذا (هذا دوري) هو سمة و بصمة وراثية مغروسة بجينات البشر منذ القدم ، فالتخطيط للصيد في العصر الحجري منشاؤه (هذا دوري) ومع ذلك فإن هذه البصمة تنحرف عن مسارها الصحيح وتتخلى عن مبداء (هذا دوري) لمبداء ( أنا اولاّ) ويظهر ذلك جليا في الأجيال التي لم تحظى بقدر من التعليم او التي لم يكتب لها أن تخرج عن دائرة المديثنة التي تعيش بها ففي السفر سبع فوائد و (هذا دوري) احد هذه الفوائد.
قال تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }

وللموضوع بقية ..............

الثلاثاء، يوليو 03، 2007

إعادة برمجة الساعة البيولوجية لنوم المراهقين والمراهقات

السؤال المطروح بإلحاح عند تفهم الآباء والأمهات لأسباب عدم انضباط وتيرة النوم للمراهقين والمراهقات هو: هل يُمكن العمل على إعادة ضبط تلك الساعة البيولوجية اليومية كي تعود أوقات النوم والاستيقاظ لديهم إلى مستوى أقرب للطبيعي، وأشبه بما عليه بقية الناس من حولهم، وأفضل لتلبية لمتطلبات نظام الحياة اليومي في المدارس أو الجامعات؟

والواقع الذي تشير المصادر الطبية إليه هو أن من الممكن إعادة برمجة الساعة البيولوجية في غالب الأحوال، لكن الأمر يتطلب تعاوناً من المراهق أو المراهقة، وأيضاً بشكل أساسي من الوالدين.

والأساس هو إدراك أن ما يُنظم الساعة البيولوجية لدى الإنسان ضمن نظام الـ 24 ساعة، هو مقدار ونوعية التعرض للضوء، أياً كان. وإن كان ضوء الشمس هو الأقوى في التأثير على الدماغ. وأقرب الأدلة على تأثير الضوء هو أن المُصابين بالعمى لديهم في الغالب اضطرابات مستمرة في الساعة البيولوجية. لكنهم يتأقلمون مع أنظمة الاستيقاظ والنوم اليومي بالاستعانة بمؤثرات خارجية أخرى لضبط تلك الساعة الدماغية البيولوجية.

وتطبيق الحلول يبدأ دوماً ، كما يُقال، من أول النهار. ولذا فإن الساعة البيولوجية التي لا تفهم إلا لغة الضوء تحتاج إلى من يُخاطبها بمفردات من تلك اللغة. وإخبار تلك الساعة أن الوقت الحالي، أثناء الصباح، هو وقت الاستيقاظ يتم بتعريض الإنسان لرؤية ضوء النهار، كي تفهم ما يجري حولها وما يجب عليها. واستخدام ضوء شبيه في الغرفة أثناء الصباح له نفس المفعول أيضاً.

وعلى العكس تماماً أثناء المساء، لأن تعريض الإنسان للظلام أو الإضاءة الخافتة لسويعات، ومخاطبتها بهذه العبارة، يُسهل على الساعة البيولوجية فهم أن الوقت ليل، وأن عليها التعامل مع ذلك الإفراز المتزايد أثناء سويعات التعرض للظلام أو الإضاءة الخافتة تلك لهرمون ميلاتونين.

وهذا النظام العلاجي، على بساطته، لو تم تطبيقه بدقة، لأدى إلى تنظيم عملية النوم والاستيقاظ بسهولة، لكن زحمة مشاغل المراهقين وإهمال الوالدين التعاون معهم، وإهمالهم هم بالأصل للنوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً يجعل من الصعب على الكثيرين تصديق أن هذا فاعل ويكفي للتغلب على مشكلة اختلال وتيرة إيقاع النوم.

وثمة ما يُسمى بالعلاج الزمني، وهو الذي يتطلب تأخيراً متدرجاً لوقت النوم بمقدار ثلاث ساعات يومياً. ولو كان المراهق يذهب في الثالثة صباحاً للنوم، فإن ذلك يُؤخر إلى السادسة، وفي اليوم التالي إلى التاسعة، وهكذا يتم خلال بضعة أيام إعادة ضبط النوم لكي يكون مثلاً التاسعة أو العاشرة مساءً من كل يوم.

لكن المهم هو الابتعاد ما أمكن عن أدوية النوم وعن هرمون ميلاتونين، ما لم يكن الأمر تحت إشراف الطبيب مباشرة.
هذا بالإضافة إلى الاهتمام بالمحافظة على وتيرة منتظمة من الاستيقاظ والخلود إلى النوم، متى ما تم للمراهق ذلك، وعدم اللجوء إلى النوم بعد العودة من المدرسة، لمدة تزيد عن 20 دقيقة. وينبغي هنا الحرص على «نظافة غرفة النوم» من التلفزيون أو الهاتف أو المجلات أو المأكولات، والتوقف من ساعات بعد الظهر عن شرب المنبهات كالقهوة أو الشاي
.

الاثنين، يوليو 02، 2007

تعريف النجاح من وجهة نظر محايدة

للنجاح طابعة الخاص وللشعور بالفرح نكهة تتجاوز المعوقات ، سواء كانت مادية ام نفسية ام معنوية ، كونه -أي النجاح- انتصارا على الظروف وتحديا للواقع بكل صعوباته ، وهذا ما يحول الألم الداخلي الي أمل خارجي يعبر عن مكنون المشاعر ليحس بها كل من عايشها عن قرب ، فإختلاط دموع الفرحة بإبتسامة الإنتصار ينم عن عظم الإنجاز مهما كان بسيطا لأن الإنجاز البسيط بداية لإنجازات أخرى تتوالى مصحوبة بالأمل ، فالنجاح يولد النجاح وإ كان بسيطا في تحقيقه إلا أنه يبقى قويا في إنجازه وشعور الفرد تجاهه هو نفس شعور المنتصر.

أقول ذلك لأنني عايشت حالات فردية عديدة في بعض الأسر التي حقق فيها الأبناء درجات متواضعه ولكنها مع ذلك اهلتهم للنجاح وإن كان بسيطا فالأنجاز البسيط بداية لإنجازات أخرى تتوالى تباعا . أما عتاب الأهل ومقارنة نتائج بعض ابنائهم الدراسية بنتائج اخوان او زملاء واصدقاء لهم ففيه قمة الأحباط لأنهم - أي الأهل- لم يستشعروا حقيقة تعريف النجاح بالسمات المذكورة بأعلى المقالة في عيون ابنائهم ، ولو لنهم فعلوا لشاركوهم لذة الإنتصار ورفعوا من درجات معنوياتهم ليحققوا نتائج افضل مستقبلا لأن النجاح مهما كان بسيطا في ظروف مشابهه للظروف التي يمر بها الطلاب في الأختبارات النهائية يعد في نظرهم -أي الطلاب- إنجازا بل قمة الإنجاز وعليه يبقى رعاية ذلك الأنجاز بيد الأهل وحدهم.


 
جميع الحقوق محفوظة لعلم من الكتاب 2008
Creative Commons License
غير قابل للنسخ او الطباعة او إعادة النشر إلا بأذن من الكاتب