مدَّونة علم من الكتاب

الثلاثاء، يوليو 21، 2009

مناعة القطيع

عادت ممرضة فلبينية بعد إجازتها السنوية من موطنها لمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية يوم الجمعة 29 مايو 2009 على الرحلة رقم 163 لطيران الخليج القادمة من دولة البحرين لتظهر عليها اعراض إنفلونزا الخنازير يوم الأربعاء 3 يونيو 2009 وتعلن وزارة الصحة السعودية إكتشاف اول اصابة بهذا المرض باليوم التالي اي الخميس 4 يونيو 2009.
حسنا ... دعونا نحلل هذا النموذج ، فالممرضة الفلبينية استقلت الطائرة من موطنها لتتجه للبحرين ترانزيت ثم تغير الطائرة وتستقل طيران الخليج من المنامة للرياض ، وعلى إفتراض أن على متن كل طائرة مالايقل عن مائتين شخص وعلى إفتراض أن من كان يجاور الممرضة بصفوف المقاعد الأمامية والخلفية و بالممرات عداء مضيفات الخدمة الجوية يصل الي عشرين فرد ففي هذه الحالة يفترض أن تنقل الممرضة الفيروس لعشرين فرد بكل طائرة منفصلة وهذه مجرد افتراضات ، وعلى كل حال أبلغت وزارة الصحة السعودية كافة الركاب ممن رافقوا الممرضة على طيران الخليج بالرحلة رقم 163 القادمة من المنامة للرياض عن وضع الممرضة وطلبت منهم التقدم لأقرب مستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة ولم يراجع منهم إلا فئة قليلة وهذا يعني ان اي من الركاب المائتين لم يشعروا بالأعراض ولم تعلن الوزارة عن اية حالة لأي راكب كان مرافقا للممرضة على تلك الرحلة بل إنها لم تكتشف اي حالة للمحيطين للممرضة سواء بالكادر الطبي للقسم الذي تعمل به او بسكنها.

نستخلص مما ذكر اعلاه إستحالة توقف فيروس إنفلونزا الخنازير و تقييده بداخل جسم تلك الممرضه ، ذلك أن الفيروس وحسب معطيات منظمة الصحة العالمية سريع الانتقال من الشخص المصاب الي الشخص السليم سواء بالرذاذ او الملامسة المباشرة او غير المباشرة عبر مقابض الابواب ونحوها ، فهل يعقل أن لا ينتقل لأي شخص في مكان مغلق كليا ككابينة الطائرة؟ وهل يعقل أن لا ينتقل لزميلات و زملاء الممرضه التي بقيت معهم طوال إسبوع قبل الاعلان عن اصابتها؟ بل هل يعقل أن لا ينتقل الفيروس لأقرب المقربين للممرضه كزوجها وأبناءها الذين يعيشون معها بالسكن؟ أم أن كل من أختلط بتلك الممرضة قد أكتسب مناعة ذاتية؟

يقول الدكتور حسن صندقجي استشاري الباطنية والقلب بمركز الأمير سلطان للقلب في الرياض: (ما قد يراه البعض طريفا، ويراه غيرهم بخلاف ذلك، هو ما بدأت الأسئلة تنهال حوله في جانب مدى إمكانية «الاستفادة» البشرية من الأشخاص الذين أُصيبوا بإنفلونزا الخنازير. والتعبير هو عن ما يُسمى بـ«حفلات إنفلونزا الخنازير» «Swine flu parties». والتي هي عبارة عن تجمع أشخاص سليمين مع شخص أُصيب بإنفلونزا «إتش1 إن1» في محاولة لاكتساب العدوى بالفيروس الضعيف لديهم. وهذا الانتقال للفيروس الضعيف من الشخص الذي أُصيب من قبل، إلى شخص سليم سيُؤدي إلى الإصابة بحالة خفيفة من إنفلونزا الخنازير، وبالتالي هي أشبه بتلقي لقاح يحتوي على فيروس ضعيف. ومن ثم تنشأ لدى الشخص الجديد مناعة من المرض. وكانت إدارة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية بالولايات المتحدة قد أعلنت صراحة عدم تبينها النُصح بحضور حفلات إنفلونزا الخنازير هذه، كوسيلة للحماية المستقبلية من الإصابة بالمرض. والسبب أنه لا يُمكن التكهن بما قد يحصل لدى الشخص السليم حال دخول الفيروس الضعيف إلى جسمه، حتى لو كان هذا الفيروس ضعيفا ولم يتسبب بمضاعفات صحية خطيرة على الشخص المصاب أولا. هذا ولا تزال الإدارة تتبنى النصيحة بابتعاد الشخص المُصاب عن مخالطة الغير لمدة سبعة أيام من بعد ظهور أعراض الإنفلونزا لديه، أو حتى انقضاء 24 ساعة بعد زوال كامل الأعراض المرضية عنه. وما يتحدث عنه البعض في الوسط الطبي بإيجابية، كنوع من الرحمة، أن الموجات الوبائية لانتشار الأمراض، وإصابة البعض دون غيرهم في المجتمعات البشرية، سيُؤدي مع الوقت إلى نشوء حالة من «مناعة القطيع». أي نشوء مناعة لدى الأشخاص السليمين جراء مخالطة أشخاص أُصيبوا من قبل بالفيروس المتسبب بإنفلونزا الخنازير. وإذا ما تحولت الأمور نحو هذا المسار الجميل، تكون الأزمة قد انفرجت إلى حد كبير.)


 
جميع الحقوق محفوظة لعلم من الكتاب 2008
Creative Commons License
غير قابل للنسخ او الطباعة او إعادة النشر إلا بأذن من الكاتب