مدَّونة علم من الكتاب

الاثنين، أبريل 27، 2009

الدورات المغشوشة

فتش في أي صحيفة عربية لن تجد ضخامة إعلانات تسويقية مثل الضخامة العددية المتوفرة في صحفنا المحلية. وفتش عن (العلم) بين الصحف العربية والأجنبية لن تجد مثلنا بين الأمم يتاجرون به علنا، وبطرق غير نظامية لكنها صارت مع الاستمرارية مقبولة وغير مستنكرة!.الإقبال المتزايد على تسليع كل شيء أدى إلى إعلاء شأن المادة في حياتنا، حتى باتت هي غاية الحياة وغاية الغايات، وبالتالي أصبحت أي إشاعة فيها ربحا ماديا يصدقها الناس ويبحثون فيها عن المزيد، أو حتى القليل من الأموال السائلة. نهم جنوني للحصول على المال بأي وسيلة! وبكل وسيلة!.لاحظوا مثلا.. كم عدد الدورات المعلن عنها يوميا والتي تقدم الدعاية عن نفسها، أنها قادرة على تعليمك التفكير البناء في يومين! أو أطلق قدراتك دورة في ثلاثة أيام! أما الدورات النفسية ودورات اكتشاف القدرات وتعزيز المهارات وتوظيف الإمكانيات وتغيير السلوكيات، فهذه دورات كل يوم لها مسمى جديد وعنوان جديد ومصيدة جديدة، وكلها -ما شاء الله- تصنع المعجزات في أيام قلائل أقصاها خمسة أيام! مثل هذه الإعلانات (التعلمية والعلمية) تملأ صحفنا كل يوم دون أن تجد مساءلة من جهة معينة أو حتى متابعة! ولفرط استعمال هذا النوع من الدورات لجر الناس قرأت مرة إعلانا عن دورة يقول عن المزايا المتاحة في الدورة ويبرزها في ميزة واحدة وتتمثل في البشرى التي زفها للجمهور أن الملتحقين بالدورة سوف يحظون بوجبة دسمة وسيجدون إفطارا شهيا!! تصوروا قيمة دورة تضع مزيتها في توفير الأكل.. ربما أخطأت الظن.. تظن دورها مطعما والذي يأتيها يهمه أن يأكل أولا! أما الميزة الأخرى... أنها سوف تمنح شهادة للملتحق بها في نهايتها! وكأن هناك دورات تجارية بلا شهادات تكريمية!! كل الدورات تمنح شهادات لكن ما الذي خرج به الملتحقون بها هذا هو السؤال. لكن الدعاية لمثل هذه الدورات تقدم وعدا أن يحظى الملتحق بها بمميزات الأكل المضمون والنجاح المضمون... فماذا تريدون أكثر أيها الناس كي تنجذبوا؟! أما بعض الدورات فهي تقدم هدايا مجانية للملتحقين بها وبعضهم تعدهم بفوز محقق على تذاكر سحب!! أي طريقة إعلانات الدورات هي طريقة خذ اثنين وواحدة مجانا!!! والمصيبة أن معظم الأجهزة الوظيفية تطلب الدورات وتعتبرها ميزة في الموظف المختار! أي أنها باتت تتحكم في مصير الناس. انتبهوا إلى هذا النمط من الحياة الذي بدأ يغزونا، هو الحمى لا تشعر بخطورتها إلا بعد أن تصل إلى مرحلة الأربعين!!.

المصدر: صحيفة عكاظ

ولنا تعليق
لاحظ اي اعلان لأي دورة ستجد االمدرب قد سبق اسمه بلقب (الدكتور) , إذا اعلم بأن معظم المدربين مازالوا يحضرون اطروحاتهم الاكاديمية ولم ينالوا الدرجة بعد ولكنهم يتصيدون الاخرين باللقب الاكاديمي السىرابي.


 
جميع الحقوق محفوظة لعلم من الكتاب 2008
Creative Commons License
غير قابل للنسخ او الطباعة او إعادة النشر إلا بأذن من الكاتب