مدَّونة علم من الكتاب

الأربعاء، ديسمبر 01، 2004

دورة "التنويم الإيحائي" الدراسية (6)

دورة التنويم الإيحائي الذاتي

الحلقة الدراسية الخامسة

فن التنويم الإيحائي الذاتي

حينما تقدمت لنيل دبلوم البرمجة اللغوية العصبية منذ ثلاث سنوات وقبل أن أصبح ممارسا مرخصا فيها لم يدر بخلدي يوما أن التنفس والتأمل والإسترخاء والتنويم الإيحائي أجزاء لا تتجزاء من البرمجة اللغوية العصبية ذاتها ، بل في الحقيقة لم يجذبني في الـبرمجة برمتها إلا فن التنويم الإيحائي كما جذب ويجذب الكثيرين مثلي . وحينما تعمقت أكثر في هذا العلم (البرمجة اللغوية العصبية) وتقدمت للحصول على لقب "ممارس معتمد" وجدت بأن كل المدارس النفسية تستعين بالتنويم الإيحائي في اسسها واستراتيجياتها ، وأن التنويم طابع كل مدارس علم النفس التحليلية .

التنويم الإيحائي فن راقي يرتقي بالنفس البشرية الي علو افاق واسعة للتحكم بالذات والثقة بالنفس وتقديم يد العون للأخرين لهذا ، عشقته وتعلمته عن حب حقيقي لإتقانه وممارسته . ولأنه فن راقي ، فإن فهمه واستيعابه وتطبيقه يعتمد اساسا على حس الفطرة البشرية ، فالجميع يرغبونه ويعشقون تعلمه ، وتعلمه وإتقانه لا يحتاج الي سن او جنس معين ، بل يستند على مفاهيم التعرف عن كثب على عقلنا الباطن وحتى اعطيك صورة تقريبية لما اعنيه هنا ، فإنني اشبه لك إختلاف العقل الواعي عن العقل الباطن بجبل الجليد (اسحب الصورة المرفقة ادناه وتمعن جيدا بها)

http://aims.jeeran.com/ice.jpg

انظر الي الجزء الظاهر(العلوي) من الجبل الجليدي ( ذلك هو عقلك الواعي) ، الآن انظر الي الجزء المخفي تحت الماء ، ارأيت حجمه ؟ قارنه بالجزء الظاهر ارأيت الفرق؟
أأدركت ما عنيته لك؟ (فالجزء المطمور تحت الماء يمكن تشبيهه بعقلك الباطن) وهو اكبر بأضعاف حجم عقلك الواعي ولكنه مخفي بداخل جسدك لا يظهر إلا لك وحدك ويمكنك التحكم فيه.
العقل الباطن هو الطيار الآلي الذي يدلك على الطريق اثتاء قيادة السيارة وانت تتحدث بالجوال او تأكل وتشرب او تتجاذب الحديث مع مرافق معك ، هو الذي يوقظك في الصباح لصلاة الفجر قبل أن يرن المنبه ، هو الذي يخزن كافة المواقف التي مررت بها في حياتك ويستدعيها حالما تطلبها.

إن الغرض من هذه الدورة الدراسية هو إخراج جزء من جسدك الحي الي العالم النجمي او مايعرف قياسا بمصطلح "الخروج الأثيري" وهو حالة إستثنائية تجمع مابين الحقيقة والخيال ويمكن تحقيقها بإستنباطها مباشرة من قاع عقلك الباطن عن طريق التنويم الإيحائي ، وكما ذكرت لك في الحلقات السابقة فإن هناك ثلاثة طرق للتنويم ، وايضا هناك عشرة تطبيقات له ويهمنا بهذه الدورة الدراسية كمبتدئين لتعلم فن التنويم الإيحائي طريقتين فقط من الطرق العشر وهما ، طريقة التنويم بالإيحاء ، وطريقة التنويم بالخيال ، اما بقية الطرق فنتركها للممارسين والخبراء لأن تعلمها يتطلب تدريب وتطبيق لا يمكن تحقيقه بدورة دراسية في ستة اسابيع عبر الأنترنت.

حين استعرضت دليل المستخدم لفن التنويم للدكتور صلاح الراشد ، وقفت طويلا امام هذا الفن واقصد به فن التنويم الإيحائي . هذا الفن من جميل ما وصل اليه العلم الحديث ، بل هو بحد ذاته علم وواحدة من متع الحياة. فن التنويم الإيحائي الذاتي له عدة اسماء منها الإسترخاء ، والتأمل ، والتنويم التلقائي ، والتركيز الداخلي ، والوعي المختار ، وحالة النشوة ، والتدبر ، والتفكر العميق ، والذكر المسترسل ، وغير ذلك فكل هذه المشاعر تعطي نفس النتيجة.

قد يعجب البعض من انه يستطيع تنويم نفسه بنفسه ، هذا التعجب قد يكون بسبب الخزعبلات المروية عن التنويم الإيحائي . تستطيع أن تنٌوم نفسك ، وفي الحقيقة أنك تفعل ذلك يإستمرار، لكن قد يكون دون وعي منك ، ولكي تتعلم أن تنوم نفسك بوعي وإدراك منك فهناك ثلاث طرق:

أولها: من خلال شريط كاسيت او كتاب ، لكنها الطريقة الأصعب ، لأن الشريط او الكتاب تجربة واحدة فقط بينما تجربة التنويم الإيحائي تجربة شخصية قد تختلف من شخص لآخر.

الثانية: من خلال منٌوم جيد ومتخصص ممكن أن يدربك.

الثالثة: من خلال حضور برنامج او دورة تدريبية كدورتنا هذه.

مشاعر الشخص المنوٌم

تختلف مشاعر التنويم الإيحائي الذاتي من شخص لأخر، لكن تتحد المشاعر في انعكاس واحدة او اكثر من هذه المشاعر اثناء الدخول لحالة النشوة:

• تنمل في اصابع اليد او الرجل
• ثقل او خفه في الذارعين
• زيادة في بلع الريق (احيانا)
• شعور الأنسجامية التامة او الأسترخاء التام
• تغير في سرعة التنفس (بطئ التنفس)
• تغير في نوعية الحركة (جمود تام) خصوصا عند الدخول لحالة النشوة
• رأرأة العين (رمش العين بسرعة)

مرة أخرى هذه التجربة تختلف من شخص الي آخر ولا يوجد نفس التجربة لشخصين

التنويم الإيحائي الذاتي – ذاتي بذاته

كثيرون يستخدمون التنويم الإيحائي الذاتي كجزء من الإسترخاء دون ان يدركوا ذلك ، تجد بعض الطلاب يلجأون اليه في الحصص اللانمطيه التي تكون على شكل حصة دراسية مفتوحة. كذلك تجد المسافرين في صالات المطارات يلجأؤن اليه اثناء انتظارهم لموعد الطائرة. تجد كذلك المرافقين بالسيارة خصوصا الأطفال وكبار السن عند السفر لمسافات بعيدة.

مايحدث لهم ليس حالة نعاس بل غشية تتم عن طريق التنويم الإيحائي الذاتي ، فالطالب في الحصة اللانمطية لا يضع راسة على الطاولة وينام فورا بل يدخل لحالة النشوة تدريجيا بالإيحاء للعقل الباطن في امور محببه الي نفسه يستدعيها بلا وعي من خارج غرفة الفصل تساعده على الإسترخاء ومن ثم التنويم الإيحائي الذاتي دون فصد منه ، والمسافر تأخذه غشية التنويم الإيحائي الذاتي وعقله الباطن يستنبط بالإيحاء السعادة المرجوه في لقاءه باهلة وذويه عند الوصول اليهم فيدخل في مرحلة النشوة بكل هدؤ وسكينه دون قصد ايضا.
أنظر لأحد اطفالك او اخوانك الصغار عند رجوعهم من المدارس وهم يدخلون في حالة التنويم الإيحائي اثناء مشاهدتهم التليفزيون وقت الظهيرة ، راقب حركة الرأرأة في عيونهم ، راقب هدو اجسادهم وهم يتجهون بسلام لمرحلة النشوة. ما تراه عليهم ليس بحالة نعاس ، فهناك فرق ، الناعس سينام من فورة في غضون دقائق معدودة ، لكن الطفل النائم بالإيحاء الذاتي يراقب فيلم الكرتون وعقلة الواعي يثير عقلة الباطن ليندمج مع القصة ويدخل اليها ويصبح جزءا منها وتصبح هي جزءا منه فيتم الإندماج بالإيحاء الذاتي ويرحل تدريجا لحالة النشوة الي أن يصل لدرجة الدلتا وهي ادنى درجة في النوم العميق. ولو انك نبهته عند انتقاله من حالة اليقظة (بيتا) الي حالة الإسترخاء (الفا) لتنبه لك ورد عليك كون العقل الواعي مازال واعيا بينما الجسد في قاع الأسترخاء العميق ، إلا أن الحال سيختلف عن محاولة ايقاظة وهو في حالة الدلتا.

فوائد التنويم الإيحائي الذاتي

يمكن للشخص أن يستخدم التنويم الإيحائي الذاتي متى تعلمه لأمور كثيرة ، أهمها الأسترخاء . يمكن للشخص أن يستخدمه في السفر الطويل خمس دقائق كل ساعة او ساعتين مثلا تضمن أن يصل الإنسان نشطا (يدرب رؤساء الدول ورجال الأعمال على التنويم الإيحائي الذاتي لكثرة سفرهم وترحالهم) لهذا السبب يظهر رؤساء الدول على شاشات التليفزيون وكلهم نشاط وحيوية عند وصولهم لمطار البلد المضيف رغم المسافة الطويله التي قضوها في السفر بين بلد وآخر.
هناك تجربة ميدانية جرت على بعض المتطوعين بالولايات المتحدة افادت أن عشرين دقيقة من التنويم الإيحائي الذاتي تعادل اربع ساعات نوم متواصل. يمكن للشخص أن يستخدمه للتخلص من الصداع ، وللتشافي الذاتي من مرض وللتحكم في الألم وللتشافي السريع بعد عملية جراحية ، ولتقوية الذاكرة ، ولزيادة الثقة بالنفس ولا حد لإستخداماته العديدة ( إستخدمته شخصيا للتشافي جنبا الي جنب مع العلاج بخط الزمن والعلاج بالخروج الأثيري ، واستخدمته ايضا في تشافي قريبه من الصداع النصفي ، وفي تخلص ابن اخت لي من عادة التدخين ، استخدمته في تخفيف ألام الحيض لزوجتي ولمساعدة ابنائي على المذاكرة والإستيعاب خصوصا ايام الأختبارات)

التنويم الإيحائي أداة قيمة من يملكها يملك إحدى مقومات العيش الطيب الرغيد وهو يوفر للأنسان المعني للتغيير والتطوير في الحياة الخاصة والعامه ولأنه سهل التعلم والتطبيق، فإن استخدامه للتشافي من مرض عضوي مهما استعصى على الأطباء يعطي نتائج مبهرة حقا وأكبر دليل على ذلك هو وجود اخصائيين له بكافة المستشفيات الكبرى.
واحد من أكبر االمطورين لهذا العلم هو الدكتور ميلتون أريكسون والذي استخدمه سنوات طويله للتشافي من شلل الأطفال الذي اوقعة طريحا . استطاع أريكسون أن يحقق مالم يحلم به الأطباء ، كان يوجه عقله الباطن بالرسائل الإيحائية فصار بعدها يتحدث ويتحرك بعد أن كان مشلولا تماما.
مئات الحالات تسجل ولادة بدون الم من الولايات المتحدة الي روسيا على طريقة التنويم الإيحائي الذاتي.
حينما تشعر بصداع تلجأ اليه دون قصد منك وحين تستيقظ من سباتك تحس بتحسن كبير ، الم تتسائل يوما لمَ؟ لأن الطيار الآلي (العقل الباطن) اوعز للصداع أن يرحل خلال جلسة التنويمم الذاتي اللانمطية.


 
جميع الحقوق محفوظة لعلم من الكتاب 2008
Creative Commons License
غير قابل للنسخ او الطباعة او إعادة النشر إلا بأذن من الكاتب